هل يمكن توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر؟ ولماذا اختفت تقنية SLI/Crossfire؟
![]() |
هل يمكن توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر؟ ولماذا اختفت تقنية SLI/Crossfire؟ |
قبل عقد من الزمان، كانت فكرة توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر حلمًا لأي شخص هاوِ لألعاب الفيديو على الحاسب الشخصي. لكن فجأة وبدون مقدمات، قررت شركات تصنيع المعالجات الرسومية، AMD و NVIDIA التخلي عن تقنيتي CorssFire و SLI. في هذا المقال، نشرح أسباب تراجع المطورين عن دعم هذه التقنيات والتحديات التي واجهتهم لتشغيلها. كما نستكشف بعض السيناريوهات التي لا يزال من الممكن استخدام معها أكثر من كرت شاشة واحد.
توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر
تعد البطاقة الرسومية أو كما تُلقب بشكل شائع باسم "كارت الشاشة" من المكونات الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر الاحترافية والمُخصصة للألعاب. إنها ليست مسؤولة عن عرض الصورة على الشاشة بالطريقة التي تفهمها العين البشرية فحسب، وإنما هي مسؤولة أيضًا عن تسريع معالجة الرسوم ثلاثية الأبعاد المعقدة خلال فترات زمنية قياسية. من أجل هذا، يحلم محبو الألعاب على الحاسب الشخصي بامتلاك أقوى البطاقات الرسومية لأنها الوسيلة الرئيسية التي تسمح لهم بتشغيل الألعاب المتطورة على إعدادات رسومية متقدمة ودقة عرض عالية الجودة.
وبينما يتزايد اهتمام لاعبو الميزانيات المحدودة بفكرة شراء افضل كارت شاشة للألعاب بسعر اقتصادي في 2025، نجد بعض الأشخاص الآخرين، الذين يتمتعون بالرفاهية المالية الكافية، مستعدين على إنفاق ثروات من المال على البطاقات الرسومية المتعددة. من هنا يأتي سؤالهم: هل يمكن توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر؟
■ لماذا اختفت التقنيات التي تسمح بإمكانية توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر؟
![]() |
سبب اختفاء تقنيتي sli crossfire |
في عام 2004، طرحت شركة NVIDIA تقنية SLI التي تسمح بإمكانية توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر. بعد ذلك بعام واحد، قدمت شركة AMD نسختها الخاصة من هذه التقنية باسم CrossFire. الهدف كان واضح، وهو تقسيم حمل المعالجة بين عدة معالجات رسومية متصلة ببعضها البعض عبر رابط سريع بغرض مضاعفة الأعداء عدة أضعاف.
استندت هذه التقنيات إلى أوضاع تشغيل متعددة، منها وضع التشغيل Alternate Frame Rendering، والذي بدوره يسمح لكل معالج رسومي متصل بمعالجة إطار واحد. بمعنى أن يتولى كارت الشاشة الأول معالجة الإطار الأول، بينما يتولى كارت الشاشة الثاني معالجة الإطار التالي، وهكذا دواليك.
وضع التشغيل الآخر عُرف باسم Split Frame Rendering، والذي يقوم بتقسيم كل إطار إلى جزء علوي وجزء سفلي، ويتم معالجة كل جزء على حدة بواسطة المعالجات الرسومية المتعددة المتصلة بالجهاز. الوضع الثالث والأخير عُرف باسم Super Hybrid، وهو الأقل شيوعًا، يعمل على تقسيم الشاشة إلى مجموعة مختلفة من الكتل لتوزيع حمل المعالجة على البطاقات الرسومية المتصلة.
بذلت شركة NVIDIA جهودًا كبيرة لتحسين هذه الأوضاع على مر السنين، وكذلك AMD، بهدف تحسين نطاق الأداء بشكل خطي من الناحية النظرية، أي أن استخدام كل وحدة معالجة رسومية إضافية يُضاعف عدة الأداء مرة واحدة. بمعنى أنه في حالة توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر، تتم مضاعفة الأداء لتصبح 2x، بينما تتم مضاعفة الأداء أربعة مرات في حالة توصيل أربعة معالجات رسومية.
لسوء الحظ، لم تتُرجم هذه الأرقام إلى زيادات فعلية أو حقيقية في الأداء، بصرف النظر عن عدد البطاقات الرسومية المتصلة بنفس الكمبيوتر. ومع ذلك، كان الأداء أفضل كثيرًا من تركيب بطاقة رسومية واحدة في حالة المقارنة مع نفس الإصدار من المعالج الرسومي.
اعتمد هذا النهج بشكل أساسي على المجهود الذي يبذله كل من الفريق المسؤول عن تطوير تعريفات برامج التشغيل “Drivers” في شركتي AMD و NVIDIA، وعلى طبيعة محركات الجرافيك المُستخدمة في تطوير الألعاب، جنبًا إلى جنب مع بعض الأمور الأخرى مثل إصدارات البرامج المُستخدمة في عملية المعالجة.
■ أبرز التحديات التي واجهت إعداد البطاقات الرسومية المتعددة
![]() |
عيوب تركيب كارتين شاشة بالكمبيوتر |
لم يختلى صانعو المعالجات الرسومية عن هذه التقنيات من قبيل الصدفة، وإنما لمشاكل تقنية عديدة تتمثل في مدى تعقيد تطويرها واستهلاكها المرتفع للطاقة ومشكلات تتعلق بالأداء نفسه. بالإضافة إلى كل ذلك، لم تكن النتائج إيجابية بشكل ملحوظ في حالات كثيرة من الاستخدام، ولم يتضاعف الأداء بالشكل المرجو. بمعنى أنه في عدد كبير من الأحوال، كان امتلاك بطاقة رسومية واحدة GTX 690 أفضل كثيرًا من امتلاك بطاقتين GTX 680. لكن كانت هناك بعض المشاكل الأخرى ومنها كل من الآتي:
التلعثم الجزئي: عانت أغلب أنظمة الكمبيوتر الشخصية التي تعتمد على معالجات رسومية متعددة من مشكلة عُرفت باسم “Micro-Stuttering”، والسبب أنه على الرغم من ارتفاع متوسط معدل الإطارات في الثانية، إلا أنه لوحظ اختلافات في زمن الوصول بين الإطارات، مما أدى إلى تجربة غير متسقة وغير منتظمة في الألعاب. بمعنى آخر، كانت ببعض الألعاب تعمل بسرعة 120 إطارًا في الثانية، إلا أن تجربة اللعبة لم تكن بنفس سلاسة منصة أخرى قادرة على تحقيق 60 إطارًا في الثانية. والاختلاف الوحيد بين المنصتين هو أن الأولى لديها بطاقتين رسوميتين متصلتين، بينما المنصة الثانية تمتلك بطاقة رسومية واحدة.
الاعتماد الكلي على التعريفات البرمجية: مع كل لعبة جديدة تصدر في السوق، كان حتمًا ولابد أن تطرح شركة AMD/NVIDIA تعريف “Driver” مُخصص لتمكين تقنية SLI/CrossFire مع اللعبة الجديدة. بدون دعم رسمي، لن يستفيد الكمبيوتر من وجود كارتين شاشة. نفس الأمر ينطبق على دعم البرامج أيضًا.
استهلاك الطاقة المرتفع والحرارة: أدى توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر إلى تفاقم مشكلات الحرارة بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تزايد متطلباتهم من الطاقة. آنذاك، كان لابد من امتلاك أنظمة تبريد عالية الجودة ومزودات طاقة بسعات ضخمة. الأمر مماثل لما نراه هذه الأيام مع بطاقات الفئة الرائدة مثل RTX 4090 و RTX 5090. لكنه قبل 10 سنوات من الآن، كانت فكرة امتلاك مزود طاقة 1000 وات غير مألوفة. ونظر الكثير من اللاعبين إلى المشكلة من وجهات نظر مختلفة، مثل التكلفة المرتفعة بفواتير الكهرباء، الحاجة إلى صناديق حاسوب ضخمة، المزيد من المراوح، ولوحات أم عالية الأداء.
عدم مضاعفة ذاكرة الفيديو: من أسوأ التحديات التي واجهت مالكو البطاقات الرسومية المتعددة أنهم لن يكونوا قادرين على الاستفادة من مضاعفة ذاكرة الفيديو. فإذا كان لديك بطاقتين رسوميتين بذاكرة فيديو بسعة 2 جيجابايت لكل واحدة، فهذا لا يعني أن لديك 4 جيجابايت، وإنما تظل السعة الإجمالية لكلتا البطاقتين هي 2 جيجابايت. السبب هو أن كل بطاقة رسومية تحتاج إلى السعة الخاصة بها لتكرار البيانات قبل مشاركتها.
الحجم: كما أشرنا منذ قليل، لم يكن من السهل توفير صندوق حاسب قادر على إيزاء بطاقتين رسوميتين آنذاك، ولا يزال حتى الآن. كان حتمًا ولابد من صندوق طاقة كبير من فئة Mid-Tower أو Full Tower بتكلفة باهظة.
■ التغير البيئي بالسوفتوير
![]() |
ازاي اوصل كارتين شاشة بالكمبيوتر |
من بين العوامل الأخرى التي كانت سببًا في اختفاء نظام توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر هو التغير البيئي بنظام السوفتوير، إذ لم يعد مطورو الألعاب يعطون اهتمامًا كبيرًا لدعم البطاقات الرسومية المتعددة مع ألعابهم. وبسبب ندرة المستخدمين الذين يُفضّلون هذا الإعداد، لم يكن السوق مُربحًا للغاية.
الأهم من ذلك هو أن حزم المكتبات الرسومية الحديثة مثل DirectX12 و Vulcan وفرت دعمًا صريحًا لوحدات المعالجات الرسومية المتعددة، بحيث تصبح إمكانية توزيع الحمل على المعالجات الرسومية من مسؤولية محرك الجرافيك المُستخدم في تطوير اللعبة. بهذا الشكل، لم تعد هناك حاجة لتقنيتي SLI/CrossFire، لكن انتقل التعقيد كله ليصبح على عاتق المطور.
ولم يكن هناك العديد من مطورو الألعاب الذين لديهم استعداد كافي لدعم أنظمة الكمبيوتر التي تحتوي على معالجات رسومية متعددة، ليس فقط بسبب شدة تعقيدها والوقت الكبير الذي تستغرقه عملية التحسين، ولكن أيضًا لقلة عدد المستخدمين الذين يمتلكون أكثر من بطاقة رسومية واحدة في أجهزتهم. إنه باختصار شديد إهدارًا للوقت والموارد.
في عام 2020، أعلنت شركة NVIDIA وقف الدعم عن تقنية SLI في تعريفات برامج التشغيل الخاصة ببطاقاتها الرسومية الحديثة، وتلاها بذلك إعلان شركة AMD بعد أن توقفت بشكل صريح عن الترويج لتقنية CrossFire مع بطاقات RX 5000.
■ هل يمكن توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر مع المنصات الحديثة؟
![]() |
متى تحتاج إلى كارتين شاشة بالكمبيوتر |
نأتي إلى إجابة السؤال الأهم: هل يمكن توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر في المنصات الحديثة مثل تلك التي تحتوي على بطاقات AMD RX و NVIDIA RTX؟ الإجابة باختصار هي "نعم". من الممكن تركيب كارتين شاشة أو أكثر بنفس الكمبيوتر. ولهذا السبب لا تزال اللوحات الأم تحتوي على أكثر من منفذ PCI-Express X16 واحد. لكن الأهم من ذلك هل ستستفيد فعلًا من هذا؟
بالنسبة للألعاب، لن تحصل على فوائد عملية إلا في حالات نادرة جدًا جدًا مع محركات الفيديو التي تدعم هذه البيئة في التشغيل دعمًا صريحًا. ولكي نكون صادقين معكم، لا نعلم ما هي تلك الألعاب، إذ تفتقد معظم الألعاب الحديثة إلى الدعم الشامل لهذه الطريقة في التشغيل. بهذا الشكل، تظل البطاقة الرسومية الثانية غير مُستخدمة بشكل كامل في الألعاب.
أما بالنسبة لعمليات الرندرة، فهناك بالفعل العديد من برامج التصميم الهندسية مثل Blender و OctanaRender و TensorFlow التي تستفيد من وجود معالجات رسومية متعددة بنفس النظام، حيث تعالج كل وحدة معالجة رسومية مهام مستقلة على شكل دُفعات من البيانات، مما يُعزز من الأداء بشكل ممتاز. هناك أيضًا العديد من الاستخدامات المهنية التي تستفيد من إمكانية توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر، بما في ذلك أنظمة المحاكاة المُستخدمة في الحوسبة عالية الأداء، التعلم العميق، تطوير الألعاب ثلاثية الأبعاد، وكذلك في أعباء أحمال الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة | إذا كنت متحمس لفكرة توصيل كارتين شاشة بنفس الكمبيوتر فقط من أجل الألعاب، فعليك أن تتخلص تمامًا من هذه الفكرة. إنها ليست فكرة مجدية من الناحية الاقتصادية أو العملية. بدلًا من ذلك، فكر في شراء بطاقة رسومية واحدة أقوى، خاصةً أنك ستستفيد معها من ذاكرة الفيديو الأكبر. بمعنى أنه بدلًا من شراء بطاقتين RTX 5080، يمكنك شراء بطاقة واحدة RTX 5090. نفس الشيء ينطبق على بطاقتين RTX 5070 Ti، فمن الأفضل الاكتفاء ببطاقة RTX 5080 أو انتظار RTX 5080 Super. ويجب أن تتذكر أن تقنيات تحسين الأداء بالذكاء الاصطناعي تلعب دور كبير في تحقيق نتائج ممتازة مع الألعاب.
****************************